kaka شاب جديد
عدد المساهمات : 19 نقاط : 5336 العمر : 28 السٌّمعَة : 0 تاريخ التسجيل : 04/06/2010
| موضوع: المؤمن في حماية الله الإثنين يونيو 07, 2010 1:04 am | |
| فتح الباري بشرح صحيح البخاري
الْحَدِيثُ الرَّابِعُ حَدِيثُ اِبْنِ عَبَّاسٍ فِي سَبَبِ صِيَامِ عَاشُورَاءَ . قَوْله : ( عَنْ أَيُّوبَ عَنْ عَبْد اللَّه بْن سَعِيد بْن جُبَيْر عَنْ أَبِيهِ ) وَقَعَ فِي رِوَايَة اِبْن مَاجَهْ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ " عَنْ أَيُّوبَ عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر " وَالْمَحْفُوظُ أَنَّهُ عِنْد أَيُّوبَ بِوَاسِطَةٍ وَكَذَلِكَ أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ . قَوْله : ( قَدِمَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَدِينَة فَرَأَى الْيَهُودَ تَصُومُ ) فِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ " فَوَجَدَ الْيَهُودَ صِيَامًا " . قَوْله : ( فَقَالَ مَا هَذَا ) فِي رِوَايَة مُسْلِمٍ " فَقَالَ لَهُمْ مَا هَذَا " وَلِلْمُصَنِّفِ فِي تَفْسِيرِ طه مِنْ طَرِيق أَبِي بِشْرٍ عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر فَسَأَلَهُمْ . قَوْله : ( هَذَا يَوْمٌ صَالِحٌ , هَذَا يَوْمٌ نَجَّى اللَّه بَنِي إِسْرَائِيل مِنْ عَدُوِّهِمْ ) فِي رِوَايَة مُسْلِمٍ " هَذَا يَوْمٌ عَظِيمٌ أَنْجَى اللَّهُ فِيهِ مُوسَى وَقَوْمَهُ وَغَرَّقَ فِرْعَوْنَ وَقَوْمَهُ " . قَوْله : ( فَصَامَهُ مُوسَى ) زَادَ مُسْلِمٌ فِي رِوَايَته " شُكْرًا لِلَّهِ تَعَالَى فَنَحْنُ نَصُومهُ " وَلِلْمُصَنِّفِ فِي الْهِجْرَة فِي رِوَايَة أَبِي بِشْرٍ " وَنَحْنُ نَصُومهُ تَعْظِيمًا لَهُ " وَلِأَحْمَدَ مِنْ طَرِيق شُبَيْل بْن عَوْف عَنْ أَبِي هُرَيْرَة نَحْوه وَزَادَ فِيهِ " وَهُوَ الْيَوْم الَّذِي اِسْتَوَتْ فِيهِ السَّفِينَة عَلَى الْجُودِيِّ فَصَامَهُ نُوحٌ شُكْرًا " وَقَدْ اُسْتُشْكِلَ ظَاهِر الْخَبَر لِاقْتِضَائِهِ أَنَّهُ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ قُدُومِهِ الْمَدِينَةَ وَجَدَ الْيَهُودَ صِيَامًا يَوْم عَاشُورَاء , وَإِنَّمَا قَدِمَ الْمَدِينَةَ فِي رَبِيعٍ الْأَوَّلِ , وَالْجَوَاب عَنْ ذَلِكَ أَنَّ الْمُرَاد أَنَّ أَوَّل عِلْمِهِ بِذَلِكَ وَسُؤَالِهِ عَنْهُ كَانَ بَعْدَ أَنْ قَدِمَ الْمَدِينَة لَا أَنَّهُ قَبْلَ أَنْ يَقْدَمَهَا عَلِمَ ذَلِكَ , وَغَايَتُهُ أَنَّ فِي الْكَلَام حَذْفًا تَقْدِيرُهُ قَدِمَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَدِينَة فَأَقَامَ إِلَى يَوْم عَاشُورَاء فَوَجَدَ الْيَهُودَ فِيهِ صِيَامًا , وَيَحْتَمِل أَنْ يَكُون أُولَئِكَ الْيَهُود كَانُوا يَحْسِبُونَ يَوْم عَاشُورَاء بِحِسَابِ السِّنِينَ الشَّمْسِيَّة فَصَادَفَ يَوْمُ عَاشُورَاء بِحِسَابِهِمْ الْيَوْمَ الَّذِي قَدِمَ فِيهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَدِينَة , وَهَذَا التَّأْوِيل مِمَّا يَتَرَجَّحُ بِهِ أَوْلَوِيَّةُ الْمُسْلِمِينَ وَأَحَقِّيَّتُهُمْ بِمُوسَى عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام لِإِضْلَالِهِمْ الْيَوْمَ الْمَذْكُورَ وَهِدَايَة اللَّهِ لِلْمُسْلِمِينَ لَهُ , وَلَكِنَّ سِيَاق الْأَحَادِيث تَدْفَعُ هَذَا التَّأْوِيلِ , وَالِاعْتِمَاد عَلَى التَّأْوِيل الْأَوَّل . ثُمَّ وَجَدْت فِي " الْمُعْجَم الْكَبِير " لِلطَّبَرَانِيِّ مَا يُؤَيِّد الِاحْتِمَال الْمَذْكُور أَوَّلًا , وَهُوَ مَا أَخْرَجَهُ فِي تَرْجَمَة زَيْد بْن ثَابِت مِنْ طَرِيق أَبِي الزِّنَاد عَنْ أَبِيهِ عَنْ خَارِجَةَ بْن زَيْد بْن ثَابِت عَنْ أَبِيهِ قَالَ " لَيْسَ يَوْم عَاشُورَاء بِالْيَوْمِ الَّذِي يَقُولهُ النَّاس , إِنَّمَا كَانَ يَوْم تُسْتَر فِيهِ الْكَعْبَة , وَكَانَ يَدُور فِي السَّنَة , وَكَانُوا يَأْتُونَ فُلَانًا الْيَهُودِيَّ - يَعْنِي لِيَحْسِبَ لَهُمْ - فَلَمَّا مَاتَ أَتَوْا زَيْدَ اِبْنَ ثَابِتٍ فَسَأَلُوهُ " وَسَنَدُهُ حَسَنٌ , قَالَ شَيْخُنَا الْهَيْثَمِيُّ فِي زَوَائِدِ الْمَسَانِيدِ : لَا أَدْرِي مَا مَعْنَى هَذَا . قُلْت : ظَفِرْت بِمَعْنَاهُ فِي كِتَاب " الْآثَار الْقَدِيمَة لِأَبِي الرَّيْحَان الْبَيْرُونِيّ " فَذَكَرَ مَا حَاصِلُهُ : أَنَّ جَهَلَةَ الْيَهُود يَعْتَمِدُونَ فِي صِيَامِهِمْ وَأَعْيَادِهِمْ حِسَابَ النُّجُومِ , فَالسَّنَة عِنْدهمْ شَمْسِيَّةٌ لَا هِلَالِيَّةٌ . قُلْت : فَمِنْ ثَمَّ اِحْتَاجُوا إِلَى مَنْ يَعْرِف الْحِسَاب لِيَعْتَمِدُوا عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ . قَوْله : ( وَأَمَرَ بِصِيَامِهِ ) لِلْمُصَنِّفِ فِي تَفْسِير يُونُس مِنْ طَرِيق أَبِي بِشْر أَيْضًا " فَقَالَ لِأَصْحَابِهِ أَنْتُمْ أَحَقُّ بِمُوسَى مِنْهُمْ فَصُومُوا " وَاسْتُشْكِلَ رُجُوعه إِلَيْهِمْ فِي ذَلِكَ , وَأَجَابَ الْمَازِرِيُّ بِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُون أُوحِيَ إِلَيْهِ بِصِدْقِهِمْ أَوْ تَوَاتَرَ عِنْده الْخَبَر بِذَلِكَ , زَادَ عِيَاضٌ أَوْ أَخْبَرَهُ بِهِ مَنْ أَسْلَمَ مِنْهُمْ كَابْنِ سَلَامٍ , ثُمَّ قَالَ : لَيْسَ فِي الْخَبَر أَنَّهُ اِبْتَدَأَ الْأَمْر بِصِيَامِهِ , بَلْ فِي حَدِيث عَائِشَة التَّصْرِيحُ بِأَنَّهُ كَانَ يَصُومهُ قَبْل ذَلِكَ , فَغَايَة مَا فِي الْقِصَّة أَنَّهُ لَمْ يَحْدُثْ لَهُ بِقَوْلِ الْيَهُود تَجْدِيدُ حُكْمٍ , وَإِنَّمَا هِيَ صِفَة حَالٍ وَجَوَابُ سُؤَالٍ , وَلَمْ تَخْتَلِف الرِّوَايَات عَنْ اِبْن عَبَّاس فِي ذَلِكَ , وَلَا مُخَالَفَةَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ حَدِيث عَائِشَة " إِنَّ أَهْل الْجَاهِلِيَّة كَانُوا يَصُومُونَهُ " كَمَا تَقَدَّمَ إِذْ لَا مَانِع مِنْ تَوَارُدِ الْفَرِيقَيْنِ عَلَى صِيَامه مَعَ اِخْتِلَاف السَّبَبِ فِي ذَلِكَ , قَالَ الْقُرْطُبِيُّ : لَعَلَّ قُرَيْشًا كَانُوا يَسْتَنِدُونَ فِي صَوْمه إِلَى شَرْعِ مَنْ مَضَى كَإِبْرَاهِيمَ , وَصَوْم رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُون بِحُكْمِ الْمُوَافَقَةِ لَهُمْ كَمَا فِي الْحَجِّ , أَوْ أَذِنَ اللَّهُ لَهُ فِي صِيَامِهِ عَلَى أَنَّهُ فِعْلُ خَيْرٍ , فَلَمَّا هَاجَرَ وَوَجَدَ الْيَهُود يَصُومُونَهُ وَسَأَلَهُمْ وَصَامَهُ وَأَمَرَ بِصِيَامِهِ اِحْتَمَلَ ذَلِكَ أَنْ يَكُون ذَلِكَ اِسْتِئْلَافًا لِلْيَهُودِ كَمَا اِسْتَأْلَفَهُمْ بِاسْتِقْبَالِ قِبْلَتِهِمْ , وَيَحْتَمِل غَيْر ذَلِكَ . وَعَلَى كُلّ حَال فَلَمْ يَصُمْهُ اِقْتِدَاءً بِهِمَا فَإِنَّهُ كَانَ يَصُومهُ قَبْل ذَلِكَ وَكَانَ ذَلِكَ فِي الْوَقْت الَّذِي يُحِبُّ فِيهِ مُوَافَقَة أَهْل الْكِتَاب فِيمَا لَمْ يُنْهَ عَنْهُ . وَقَدْ أَخْرَجَ مُسْلِم مِنْ طَرِيق أَبِي غَطَفَان - بِفَتْحِ الْمُعْجَمَة ثُمَّ الْمُهْمَلَة بَعْدهَا فَاءٌ - اِبْن طَرِيفٍ بِمُهْمَلَةٍ وَزْنَ عَظِيمٍ " سَمِعْت اِبْن عَبَّاس يَقُول : صَامَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَاشُورَاء وَأَمَرَ بِصِيَامِهِ , قَالُوا أَنَّهُ يَوْمٌ تُعَظِّمُهُ الْيَهُود وَالنَّصَارَى " الْحَدِيثَ . وَاسْتُشْكِلَ بِأَنَّ التَّعْلِيل بِنَجَاةِ مُوسَى وَغَرَق فِرْعَوْنَ يَخْتَصُّ بِمُوسَى وَالْيَهُود , وَأُجِيبَ بِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُون عِيسَى كَانَ يَصُومُهُ وَهُوَ مِمَّا لَمْ يُنْسَخْ مِنْ شَرِيعَة مُوسَى لِأَنَّ كَثِيرًا مِنْهَا مَا نُسِخَ بِشَرِيعَةِ عِيسَى لِقَوْلِهِ تَعَالَى ( وَلِأُحِلَّ لَكُمْ بَعْضَ الَّذِي حُرِّمَ عَلَيْكُمْ ) وَيُقَال إِنَّ أَكْثَر الْأَحْكَام الْفَرْعِيَّة إِنَّمَا تَتَلَقَّاهَا النَّصَارَى مِنْ التَّوْرَاة . وَقَدْ أَخْرَجَ أَحْمَد مِنْ وَجْه آخَر عَنْ اِبْن عَبَّاس زِيَادَة فِي سَبَب صِيَام الْيَهُود لَهُ وَحَاصِلُهَا أَنَّ السَّفِينَة اِسْتَوَتْ عَلَى الْجُودِيِّ فِيهِ فَصَامَهُ نُوحٌ وَمُوسَى شُكْرًا , وَقَدْ تَقَدَّمَتْ الْإِشَارَةُ لِذَلِكَ قَرِيبًا , وَكَأَنَّ ذِكْرُ مُوسَى دُون غَيْره هُنَا لِمُشَارَكَتِهِ لِنُوحٍ فِي النَّجَاةِ وَغَرَقِ أَعْدَائِهِمَا . |
| |
|